الرشوة في القانون البحريني تُعد من أخطر الجرائم التي تمسّ نزاهة الوظيفة العامة وسلامة المعاملات المالية.
ولهذا تعامل المشرّع معها بحزم عبر تشديد عقوبة الرشوة في القانون البحريني، سواء ارتُكبت من الموظف العام أو من المواطن العادي.
وتشمل المنظومة العقابية عقوبات جريمة الرشوة وفق القانون البحريني الحبس والغرامة ومصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة.
كما تناول القانون جريمة عرض الرشوة في البحرين كجريمة مستقلة حتى لو لم تُقبل.
ولكن ما هو مصير الأموال في جريمة الرشوة في البحرين؟ وكيف يمكنك الإبلاغ عن جريمة الرشوة في البحرين؟ وهو ما سنوضحه تفصيلاً في هذا المقال.
اتصل بنا عبر النقر على زر الوتس أب أسفل الشاشة
جدول المحتويات
عقوبات جريمة الرشوة وفق القانون البحريني
في البحرين، تُعتبر جريمة الرشوة من أخطر الجرائم التي تمسّ نزاهة الوظيفة العامة، ولذلك شدد المشرّع البحريني العقوبات المرتبطة بها.
ووسّع نطاق التجريم ليشمل الموظفين ومن في حكمهم، وحتى القطاع الخاص في بعض الحالات. وقد خضعت نصوص الرشوة لتعديلات تشريعية هامة لتكون أكثر ردعًا وصرامة.
القانون الأساسي المنظم لهذه الجريمة هو قانون العقوبات رقم 15 لسنة 1976، وقد تم تعديل المادة 186 منه بموجب القانون رقم 3 لسنة 2018، حيث ورد:
«يعاقَب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل موظف أو مكلَّف بخدمة عامة طلب أو قبِل لنفسه أو لغيره، بشكل مباشر أو غير مباشر، عَطِيَّة أو مَزِيَّة من أي نوع، أو وعداً بشيء من ذلك، لأداء عمل أو للامتناع عن عمل لدى قيامه بمهام وظيفته.»
أبرز العقوبات عموماً وفق القانون البحريني تشمل:
- السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كعقوبة أساسية لطلب أو قبول الرشوة.
- في حال تنفيذ الفعل المجرَّم أو ترتب آثار له، قد تصل العقوبة إلى عشر سنوات.
- الحكم بمصادرة العطايا أو المزايا المرتبطة بالجريمة.
- فرض غرامات مالية تعادل قيمة الرشوة أو تزيد عنها.
- توسيع نطاق المسؤولية ليشمل الموظفين العموميين والمكلّفين بخدمة عامة.
ما هي الرشوة في القانون البحريني؟
تُعرّف الرشوة في القانون البحريني بأنها كل ما يُقدَّم أو يُطلب أو يُقبل من مزايا مادية أو معنوية، بقصد التأثير في قيام موظف أو شخص ذي صفة اعتبارية بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو اختصاصه.
وهي تشمل الأموال والهدايا والمنافع والخدمات التي تُمنح لتحقيق مصلحة غير مشروعة. وترتكز الجريمة على ثلاثة عناصر رئيسية:
- الفعل المادي: ويشمل العرض أو الطلب أو القبول أو الوساطة.
- الركن المعنوي: وجود نية متعمَّدة للإفساد أو التأثير غير المشروع على أداء الوظيفة.
- الرابطة الوظيفية: أن يكون السلوك المرتبط بالرشوة واقعًا ضمن إطار العمل أو مستندًا إلى السلطة الوظيفية.
ويُعد كل من الراشي والمرتشي أي من يقدم الرشوة ومن يطلبها أو يقبلها شريكًا مباشرًا في الجريمة، بصرف النظر عن إتمام الصفقة أو تحقق النتيجة المرجوة.
وتُجرّم الرشوة أيضًا في القطاع الخاص، حيث يُعاقب من يقبل أو يعرض رشوة في سياق علاقة تجارية أو مهنية، مما يوسّع نطاق التجريم ويعكس موقف المشرّع الحازم من مظاهر الفساد بجميع صورها.
أشكال جريمة الرشوة في القانون البحريني
لا تقتصر الرشوة في القانون البحريني على شكل واحد، بل تتعدد صورها وطرق تنفيذها لتشمل أي منفعة تُمنح أو تُطلب بهدف التأثير على نزاهة الموظف العام أو من في حكمه.
وقد حرص المشرّع على تغطية جميع الأنواع والوسائل التي يمكن أن تتم بها الرشوة، سواء كانت مادية أو معنوية، مباشرة أو غير مباشرة.
أهم أشكال الرشوة وفقًا للوسيلة وطريقة التنفيذ:
- رشوة نقدية مباشرة: دفع مبلغ مالي نقدًا مقابل أداء عمل معين أو التغاضي عن إجراء رسمي.
- رشوة عينية: تقديم هدية أو سلعة أو خدمة كعطية مقابل تحقيق مصلحة غير مشروعة.
- رشوة معنوية: منح مزية غير مالية، مثل ترقية، أو توصية، أو تمييز في معاملة إدارية.
- الرشوة عبر وعد بالمستقبل: الاتفاق على منح فائدة لاحقًا (مثل وظيفة أو عقد تجاري) مقابل تسهيل إجراء حالي.
- الرشوة المغلَّفة: تقديم المنفعة تحت ستار قانوني زائف، مثل التبرعات أو الهدايا الرمزية أو التسهيلات التجارية.
- الرشوة غير المباشرة: تمرير المنفعة عن طريق وسيط أو شخص ثالث لإخفاء العلاقة بين الراشي والمرتشي.
- الرشوة المستترة في العقود أو الفواتير: إخفاء المزايا ضمن معاملات مالية ظاهرها قانوني (مثل تضخيم أسعار أو تقديم خدمات وهمية).
كل هذه الأشكال تُعدّ جريمة مكتملة إذا اقترنت بالقصد الجنائي (نية التأثير على أداء الوظيفة) سواء تحققت النتيجة أم لا، ويُحاسب كل من الراشي والمرتشي وفقًا للقانون.
تشديد عقوبة الرشوة في القانون البحريني
استجابةً لتنامي التحديات المتعلقة بالفساد، عمد المشرّع البحريني إلى تشديد العقوبات الخاصة بجريمة الرشوة، وذلك لرفع مستوى الردع وتحقيق الحماية الفعلية للوظيفة العامة.
أبرز صور التشديد القانوني:
- رفع الحد الأدنى للعقوبة إلى خمس سنوات.
- تجريم الأفعال غير المباشرة أو عبر وسطاء.
- عدم اشتراط وقوع النتيجة لاعتبار الجريمة قائمة.
- توسيع تعريف الموظف ليشمل المكلفين بخدمة عامة.
- شمول القطاع الخاص في بعض الحالات الخاصة.
جريمة عرض الرشوة في البحرين
يُعتبر عرض الرشوة جريمة قائمة بذاتها، ولو لم تُقبل، ويُعاقب عليها القانون باعتبارها تمسّ حياد ونزاهة الوظيفة العامة.
وتحفّز على الانحراف عن السلوك المهني السليم. وتكون العقوبة في هذه الحالة:
- السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
- العقوبة قائمة بمجرد العرض دون حاجة للقبول.
- العقوبة تتصاعد إذا كان العرض مشروطًا بتصرف وظيفي مخالف.
- إمكان اعتبار العرض محاولة لإفساد موظف عام حتى إن لم يستجب.
ما هو مصير الأموال في جريمة الرشوة في البحرين؟
الأموال والمنافع المكتسبة من جريمة الرشوة لا تبقى في حيازة مرتكب الجريمة، بل يتم التعامل معها قانونًا كعائدات غير مشروعة تُوجب المصادرة أو الإعادة.
الإجراءات القانونية المتعلقة بالأموال:
- الحكم بمصادرة الأموال أو المزايا محل الجريمة.
- إلزام الجاني بإعادة المنفعة أو تعويض قيمتها.
- فرض غرامة إضافية تعادل أو تزيد عن قيمة الرشوة.
- تصنيف الأموال كأموال غير مشروعة تخضع للضبط والتحفظ.
كيف يمكنك الإبلاغ عن جريمة الرشوة في البحرين؟
الإبلاغ عن جريمة رشوة يُعدّ واجبًا وطنيًا، وهو أحد الأدوات الأساسية لمكافحة الفساد، ويمنح القانون البحريني الحماية الكافية للمبلّغين في أغلب الحالات.
خطوات الإبلاغ:
- تقديم شكوى للنيابة العامة أو الجهات المختصة.
- جمع وتوثيق الأدلة الممكنة رسائل، تسجيلات، شهود.
- الاستعانة بخبرة محامي في البحرين لصياغة البلاغ وضمان الإجراءات.
- إمكانية السرية في الإبلاغ لحماية المبلّغ.
- الاستفادة من تخفيف العقوبة حال الإبلاغ الطوعي والمبكر.
حالات عقوبة الرشوة في البحرين
عندما نتناول بشكل خاص عقوبة الرشوة في البحرين فإن التركيز ينصبّ على ما يعيشه القائم بالولاية (الموظف العام) أو من في القطاع الخاص:
الموظف العام أو من بيده سلطة
في حالة الموظفين:
- يُعدّ جريمة أن يطلب الموظف (أو يقبل) رشوة مقابل أداء عمل أو الامتناع عنه في نطاق وظيفته.
- تُفرض عقوبة السجن قد تصل إلى 10 سنوات إذا كان الفعل ضمن نطاق الوظيفة، وقد تُخفَّف أو تشدَّد وفقًا لعناصر الجريمة (النية، المبلغ، التأثير).
- كما يُفرض على من يقدم الرشوة (الراشي) أو الوسطاء عقوبة منفصلة، بغضّ النظر عن قبول الموظف أو رفضه.
في حالات ما بعد الفعل
- إذا طالب الموظف رشوة بعد أن أتمَّ العمل أو بُذلت المصلحة ثم برسالة تأخير أو مطالبة لاحقة، يُعاقب أيضًا.
- عقوبة هذه الحالة قد تكون مماثلة أو أقلّ قليلاً حسب ما إذا كان العمل قد تم أو لم يتم في إطار الوظيفة.
القطاع الخاص
هنا تكون العقوبات:
- إذا كان الموظف أو المدير في شركة أو مؤسسة خاصة يطلب أو يقبل رشوة مقابل أداء مهمة تتعلّق بالشركة، فقد تصل العقوبة إلى 10 سنوات سجن.
- يُضاف إلى ذلك غرامة تُراوح بين 500 و 10,000 دينار بحريني.
- يُعاقب من يتصرّف نيابة عن الشركة (وسيط أو طرف ثالث) بنفس العقوبة إذا شارك في الفعل أو ساعد فيه.
بالتالي، فإن التشريع البحريني يعامل كل من الموظف العام والفاعل في القطاع الخاص بطريقة صارمة، مع التأكيد على أن تقديم الرشوة أو قبولها أو الوساطة فيها جميعها تُعاقب بصرامة.
الأسئلة الشائعة حول الرشوة وفق القانون البحريني
جريمة الرشوة تمسّ جوهر العدالة ونزاهة الوظيفة العامة، ولهذا تعامل معها المشرّع البحريني بأقصى درجات الصرامة من حيث التجريم والعقوبة.
ومن خلال التعديلات الأخيرة، اتسع نطاق المسؤولية ليشمل مختلف صور الرشوة ووسائلها، مع توفير أدوات قانونية لضمان ملاحقة الجناة ومنع الإفلات من العقاب.
ومع ذلك، فإن القانون يراعي المبادئ العادلة، فيتيح سبل الدفاع المشروع، ويعترف بحالات البراءة متى انتفى القصد الجنائي أو انعدمت الأدلة.
ولمعلومات أكثر اقرأ:
سقوط جريمة خيانة الأمانة في البحرين.
جريمة السرقة بالإكراه والتهديد في القانون البحريني وعقوبتها.
عقوبة جريمة التهديد والابتزاز الالكتروني البحرين.

محامي بحريني ومؤسّس مكتب استشارات قانونية منذ فبراير 2019. حاصل على الإجازة العالية في الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف. يمتلك خبرة طويلة في الترافع أمام المحاكم وتقديم الاستشارات في القضايا الجنائية، الشخصية، المدنية والتجارية. يُعرف بتقديم استشارات قانونية شفافة وفعالة لحماية حقوق عملائه، وقد حقق نتائج ملموسة في قضايا بارزة مثل قضايا الترافع التجاري والتوريث.